ولعل ما يشرح الآيات السابقة بتفصيل أوسع ذلك الحديث الذي ذكره الإمام البخاري عن كيفية استدلال هرقل على صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه ركز هرقل تركيزا كبيرا على حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة؛ عن الإمام البخاري - رضي الله عنه - قال: حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، قال: أخبرنا شعيب عن الزهري، قال: أخبرني عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن عبد الله بن عباس أخبره: أن أبا سفيان بن حرب أخبره: «أن هرقل أرسل إليه في ركب قريش وكانوا تجارا بالشام، في المدة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش فأتوه بإيلياء فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه، فقال:
أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟
فقال أبو سفيان فقلت: أنا أقربهم نسبا.
فقال: أدنوه مني وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه:
قل لهم: إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه، فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه.
ثم كان أول ما سألني عنه: أن قال: كيف نسبه فيكم؟
قلت: هو فينا ذو نسب.
قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟
قلت: لا.
قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا.
قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟
فقلت: بل ضعفاؤهم.
قال: أيزيدون أم ينقصون؟
قلت: بل يزيدون.
قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟
قلت: لا.
قال: فهل يغدر؟ قلت: لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها.
قال: ولم يكن كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة.
قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم.
قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال: ينال منا وننال منه.