للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للنبوة، وبالتأكيد فإن هذه التعريفات لم تخرج عن نطاق التحديد اللفظي للنبوة، ولم يخرج عن هذا النطاق سوى الشيخ محمد عبده، حيث تكلم عن أهدافها دون تحديد تعريف لها.

ولكن كيف يتأتى لنا أن نحدد معنى النبوة؟

* * *

إن التعريف الذي يحدد لنا معنى النبوة هو التعريف القرآني، وهو الذي يخرجنا من هذه الدائرة الضيقة المحدودة للتعريفات السابقة.

وتبدو لنا أولى الآيات التي تحدد لنا المعنى المراد في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (١) ويقول تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (٢) ويقول: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} (٣).

تدلنا هذه الآيات على أن الله تعالى يصطفي الأنبياء ويجتبيهم لنفسه ويرسم حياتهم قبل ميلادهم. فيختار لهم النسب الشريف الذي يميزهم عن غيرهم ويصنعهم على عينه، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله اصطفى من ولد إبراهيم: إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل: بني كنانة، واصطفى من بني كنانة: قريشا، واصطفى من قريش: بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم (٤)».

وليس هناك دليل على ما ذكرنا من قبل أكثر من قول الله سبحانه وتعالى عن سيدنا عيسى عليه السلام قبل أن يولد:

{إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} (٥) {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ} (٦)، {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} (٧).


(١) سورة آل عمران الآية ٣٣
(٢) سورة النساء الآية ١٢٥
(٣) سورة طه الآية ٣٩
(٤) رواه مسلم في صحيحه.
(٥) سورة آل عمران الآية ٤٥
(٦) سورة آل عمران الآية ٤٦
(٧) سورة مريم الآية ٢١