للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالوا جميعا: انتهينا. . انتهينا، وقاموا إلى براميل الخمر وأوانيه يهرقونها فوق الرمال. .!

هذه الأصالة " لشريعة الله " جعلها - رغم البعد - أقرب إلى حبل الوريد، وجعلت استسماك أتباعها بها أشد من استمساكهم بحياتهم. لكنها تعرضت بعد البعد للإبعاد.

ولم يكن إبعاد شريعة الله عن رغبة أهلها، إنما تم في ظروف تنم عن أن الإبعاد كان تخطيطا وعملا لأعداء الله الذين أدركوا أن أول ما ينبغي نقضه " عروة الحكم " وأدركوا أن ذلك أيسر على يد من بالداخل عن أن يفرض من الخارج.

ولا يزال المثل الحي لذلك: إلغاء الخلافة الإسلامية في تركيا؛ اتجاها إلى العلمانية الآثمة الرافضة لحكم شريعة الله، ولقد سبق إلغاء الخلافة الإسلامية في تركيا حدثان هامان:

أولهما: إصدار انجلترا لوعد بلفور بإعطاء فلسطين لليهود.

وثانيهما: طلب زعيم الماسونية في " سالونيك " إلى الخليفة عبد الحميد إعطاء اليهود أرض فلسطين مقابل " جعل " تقدم به إلى الخليفة، فلما رفض الخليفة المسلم قال له: " ستعلم كم يكلفك هذا الرفض. . ".

وفي مصر

كان إصدار القوانين الأهلية المستمدة من القوانين الأجنبية بعد سنة واحدة من الاحتلال البريطاني أي في سنة ١٨٨٣، وحين أرادت مصر إلغاء الامتيازات الأجنبية وانعقد لذلك مؤتمر جنيف سنة ١٩٣٧م كان شرط المؤتمرين لتوقيع معاهدة " مونتريه " أن تستمد مصر تشريعها من التشريع الغربي.

وكما لم تتأثر شريعة الله " بالبعد " فهي كذلك لم تتأثر " بالإبعاد ".

ولا تزال صحوة مصر الإسلامية في ١٩٧١ م عند وضع الدستور، وإجماع الأمة كلها على الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله. لا يزال ذلك كله أقوى دليل على أن هذه الأمة لن تتخلى عن شريعتها، ولن يؤثر فيها " بعد " ولا " إبعاد ".

هذا عن الشبهة الأولى.

* * *