مبين لما جاء في القرآن الكريم وكل ذلك يدل على بطلان هذه الخاصة.
سادسا: أن العرب كانوا تجارا وكانت تجارتهم تمتد إلى خارج بلادهم في الشام واليمن فما المانع لهم من التعامل بالربا في التجارة؟ ثم الذي يقول (إنما البيع مثل الربا) هم التجار أو الفقراء المحتاجون للصدقة؟ أليسوا هم التجار الذين يتعاملون بالربا ويقيسونه على البيع ويجعلونه نوعا من أنواع البيع كما يقول بعض كتاب هذا العصر؟ وما دخل الفقراء المحتاجين في جعل الربا مثل البيع وهم لا يزاولون بيعا ولا تجارة؟ ثم أليس في مقابلة الربا بالبيع في قوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}(١) ما يشعر بأن العرب كانت تتعامل في الربا للأغراض التجارية؟ إن ذلك كله يدل على أن تحريم الربا نزل في مجتمع كان فريق التجار فيه يتعاملون بالربا، وهو ربا استغلالي وليس ربا استهلاكيا، ومعنى هذا أن تحريم الربا يشمل الربا الاستهلاكي والاستغلالي ومن ثم تبطل شبهتهم ودعواهم في قصر الربا على الربا الاستهلاكي. ثم هل قامت المصارف أو تقوم بإقراض أهل الحاجة والفقر قروضا حسنة بدون فوائد؟ أو أنها سلبتهم البقية الباقية من أموالهم بدون إشفاق على ضعفهم أو رحمة بصغارهم أو مراعاة لحاجتهم وأحوالهم.
سابعا: أن قصر الربا القرآني المحرم على المعاملة مع الفقير المحتاج دون الغني القادر، أو بعبارة أخرى قصره على الربا الاستهلاكي دون الربا الاستغلالي لم يقل به أحد من المفسرين ولا أحد من الفقهاء، ولم يظهر منه شيء في تعريفاتهم للربا على اختلاف مذاهبهم ومناهجهم، ولم يظهر القول به إلا في هذا العصر على لسان من يدعي التحرر والاجتهاد ومن هؤلاء صاحب المقال. ولكنه بكل أسف على حساب الشريعة بإخضاعها لواقع الناس وأهوائهم، إننا لسنا ضد التجديد والاجتهاد بل