للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤ - القرآن الكريم حرم الربا دون أن يخصص ذلك بنوع دون نوع وصورة دون أخرى، وليس هناك نص قراني أو حتى نبوي أن الربا الذي حرمه القرآن هو فقط ربا الجاهلية.

ومعنى ذلك أنه إذا كانت هناك صورة قائمة عند نزول التحريم أو قبله فإنها تحرم، فإذا أحدثت صور أخرى للربا فإنها تحرم هي الأخرى بنص القرآن الكريم، ومعنى ذلك أن كل صور الربا تحرم بالنص حتى ولو لم تظهر إلا بعد آلاف السنين من نزول القرآن؛ لأن القرآن لم ينزل لعصر دون عصر بل نزل لأمة ممتدة عبر الزمن موغلة في الاستقبال، ويخاطب به آخر فرد زمنا في أمة الدعوة تماما كما خوطب به أول فرد فيها. وإذن فلا وجه لمن يقول ولو كان القائل فقيها إن الربا المحرم في القرآن هو ربا الجاهلية فقط، وإلا فسوف يطرد ذلك على كل المحرمات، زنا الجاهلية، كذب الجاهلية، سرقة الجاهلية. . إلخ. يضاف إلى ذلك أنه كما هو معروف فإن آيات الربا في سورة البقرة هي من أواخر آيات النزول. هذه المسلمة لها دلالتها الخطيرة في موضوعنا هذا، فمن المعروف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد قال وفعل وأقر الكثير والكثير خلال فترة الدعوة الممتدة، ومن ذلك ما يتعلق بالربا، سواء ما كان معروفا لدى الجاهلية أو ما كان يمارس دون أن يعرف بأنه ربا، وعندما باع صحابي تمرا بتمر بزيادة قال الرسول - صلى الله عليه وسلم: «أوه عين الربا (١)» وكررها. من الواضح أن تلك صورة جديدة لم تكن تدخل في صور الربا المعروفة وإلا ما عملها الصحابي أو أن هذه كانت بداية التشريع في موضوع الربا. وسواء كان هذا أو ذاك فإن قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «عين الربا (٢)» يفهم منه


(١) صحيح البخاري الوكالة (٢٣١٢، ٢٣١٢)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٤، ١٥٩٤)، سنن النسائي البيوع (٤٥٥٧)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٦٢).
(٢) صحيح البخاري الوكالة (٢٣١٢)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٤)، سنن النسائي البيوع (٤٥٥٧)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٦٢).