للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن جوهر الربا وحقيقته ومعناه واحد والذي يتميز ويختلف هو الصور والأشكال. وهناك احتمالان، إما أن هذا الحديث وغيره مما يدخل في موضوعنا قد قاله الرسول عليه السلام قبل نزول آيات الربا أو بعده. فإن كانت الآيات قد نزلت سلفا، فتكون تلك الأحاديث مبينة وشارحة لمضمون الربا الذي ورد في القرآن الكريم، بالإضافة إلى ما هو معهود أصلا لديهم من صوره التي كانت تمارس في الجاهلية. وإن كانت الآيات قد نزلت لاحقا فمعنى ذلك أن الربا في القرآن الذي ورد ودون تخصيص أو تغيير يشمل كل صور الربا، سواء منها ما كان معروفا في الجاهلية أو ما بينته السنة الشريفة، وكذلك كل صورة تجد له إلى قيام الساعة حيث بقاء الأمة والدعوة.

٥ - من القواعد الهامة أن العبرة بالمعاني والمقاصد يقول الإمام مالك: " إنما تعبدنا بالمعاني والمقاصد " أي أن الاسم أو الصورة أو الشكل أو الأسلوب كل ذلك لا أثر له طالما أن المعنى والمقصود والمضمون واحد. وبالطبع فذلك واضح تماما من القرآن الكريم " قصة أصحاب السبت " وكذلك من السنة المطهرة، فإذا كان الشائع هو كون المدين شخصا فأصبح مؤسسة أو شركة أو حتى دولة فإن الدين هو الدين، وسواء سميت رشوة أو عمولة أو هدية أو إكرامية أو أتعاب. . إلخ. فإن الحكم واحد طالما أن المضمون والمقصود والمعنى متحد، والأمثلة في كل باب أكثر من أن تحصى.

٦ - لا أحد ينكر أن المصلحة مقصود التشريع الإسلامي. قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (١)، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ} (٢)


(١) سورة الأنبياء الآية ١٠٧
(٢) سورة الإسراء الآية ٨٢