للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السبب الأول: هو أن المدين محتاج للصدقة عملا بظروف الدين، ولذلك فهو مظلوم بأخذ الربا منه. أما أن المدين محتاج للصدقة فهذا لا يسلم به على إطلاقه، وليس كل مدين يحتاج للصدقة، وعند الإعسار فإنه يحتاج للصدقة باعتبار الغرم كما هو مفصل في بند الغارمين، لكن ليس هناك علاقة على الإطلاق بين حرمة الربا وبين كون مصير المدين الإعسار واحتياجه للصدقة فيما بعد. أما أن المدين مظلوم بأخذ الربا منه فهذا حق، ومن الحق الذي لا يقل عنه أيضا أنه ظالم بتعامله الربوي وإعطائه الربا لغيره، فالظلم قد وقع من الطرفين بل من كل أطراف العملية كما سنوضح ذلك فيما بعد.

السبب الثاني: هو أن الدائن ينفرد وحده بالمنفعة من الربا ويستغل أبشع استغلال ظروف ذلك المحتاج للصدقة، ولذلك فهو ظالم استحق الوعد الكبير إن لم يذر الربا مع مدينه. أما قوله بانفراد الدائن بالمنفعة فهذا غير مسلم به فالمدين يستفيد من الدين وينتفع به انتفاعا مؤكدا حتى ولو كان الدين لأغراض الاستهلاك ناهيك عن أغراض الإنتاج، يضاف إلى ذلك أن هذا غير مؤثر في الحكم، والتمويل الربوي للتجارة في الجاهلية لم يكن هذا الاستغلال ظاهرا فيه كما يتصور الكاتب ومع ذلك حرم، ولو كان أحد الطرفين مستغلا ومظلوما ما كان آثما وما استحق العذاب الشديد شأنه شأن الطرف الثاني بنص الحديث الشريف «لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال هم في الإثم سواء (١)» إذن العملية كلها ملوثة وذميمة وكل من يشارك فيها ولو لم يكن أحد ركني العقد فهو آثم.

السبب الثالث: أن الربا تنمية من جانب واحد، بمعنى أن العائد فيها لطرف والغرم أو التكلفة على الطرف المقابل، فهو غنم من جانب وغرم


(١) سنن النسائي الزينة (٥١٠٢).