المفسرين والمؤرخين وغيرهم من علماء الإسلام، والكاتب بنفسه قد سجل ذلك مما نقله عن ابن حجر وعن الرازي، فالصورة الثانية وهي الزيادة الأصلية كانت قائمة وسائدة حتى أن الجصاص في " أحكام القرآن " ذهب إلى أنه لم يكن موجودا سواها.
هذه هي الأسباب الخمسة التي ذهب الكاتب إلى أنها كانت وراء تحريم الربا في القرآن، وقد رأينا أنها كلها تنهار واحدا تلو الآخر، ثم إنه ما كان أحرى بالكاتب وهو يتصدى لهذا الموضوع أن يرجع إلى مراجع التفسير والفقه وأصول الفقه والحديث؛ ليتأكد على الأقل من معنى السبب وعلاقته بالحكم الشرعي.
خلاصة القول هنا أن الكاتب قد انطلق من منطلق خاطئ هو اعتباره الربا هو فقط الزيادة الطارئة بعد حلول أجل الدين، وأن المدين هو دائما محتاج للصدقة مظلوم مستغل، وكل ذلك غير صحيح وبفرض صحة بعضه فلا أثر له في الحكم، وهب أن المدين غني جدا هل يجوز إقراضه بفائدة؟
انتقل الكاتب بعد ذلك إلى بيان مفهوم الربا في السنة الشريفة، وجاء كلامه عنها وفيها قاصرا إلى غاية الغاية. ولا أدري تفسيرا لذلك على وجه التحديد، وهل هو عدم الدراية الكافية بالسنة؟ أم هو موقف متعمد حيث إن المزيد من الدراسة والبدل يجلب على الكاتب مالا يود الوصول إليه؟ يبدأ الكاتب بقوله لم يرد تعيين الأموال الربوية في القرآن الكريم، وإنما ورد تعيينها في السنة. ومبدئيا فإذا كان قد ورد تعيينها في الحديث فما الذي يبقى للكاتب أو لغيره؟ هل نحذف بعض هذه الأموال؟ وهل ما لدينا من أموال مغاير لتلك الأموال المعينة في الحديث؟