على الحفظ بشرط الضمان صار بمنزلة المودع إذا أخذ أجرة على الوديعة، فإنها إذا هلكت يضمن والفرق بينه وبين الأجير المشترك أن المعقود عليه في الإجارة هو العمل، والحفظ واجب عليه تبعا، أما المودع بأجرة فإن الحفظ واجب عليه مقصودا ببدل، فلذا ضمن كما صرح بذلك الإمام فخر الدين الزيلعي في باب ضمان الأجير، وهنا لما أخذ البدل بمقابلة الحفظ الذي كان واجبا عليه تبعا صار الحفظ واجبا عليه قصدا بالبدل فيضمن، لكن يبقى النظر في أنه هل يضمن مطلقا أو فيما يمكن الاحتراز عنه والذي يظهر الثاني؛ لاتفاقهم في الأجير المشترك على عدم ضمانه فيما لا يمكن الاحتراز عنه، فالظاهر أن المودع بأجر كذلك؛ لأن الموت والحريق ونحوهما مما لا يمكن ضمانه والتعهد بدفعه، وقد صرحوا بأن إغارة القطاع المكابرين مما لا يمكن الاحتراز عنه، فلا يضمن في صورتها حيث كان أخذ البضاعة من القطاع المكابرين الذي لا يمكن مدافعتهم، لكن ذكر في التنوير قبيل باب كفالة الرجلين- قال لآخر: اسلك هذا الطريق؛ فإنه آمن، فسلك وأخذ ماله، لم يضمن، ولو قال إن كان مخوفا وأخذ فأنا ضامن، ضمن، وعلله في الدر المختار عن الدرر بأنه ضمن الغار صفة السلامة للمغرور نصا- انتهى. أي بخلاف المسألة الأولى فإنه لا يضمن لأنه لم يصرح بقوله: فأنا ضامن، وهذا إذا كان المال مع صاحبه، وفي صورتنا المال مع الأجير، وقد ضمن للمستأجر صفة السلامة نصا فيقتضي ضمانه بالأولى، وإن لم يمكن الاحتراز لكن الظاهر أن مسألة التغرير المذكورة مشروطة بما إذا كان الضامن عالما بخطر الطريق ليتحقق كونه غارا وإلا فلا تغرير، وسياق المسألة في (جامع الفصولين) في فصل الضمانات يدل على ما قلنا، فإنه نقل عن فتاوي ظهير الدين. قال له اسلك هذا الطريق فإنه آمن فسلك فأخذه اللصوص -