لا يضمن، ولو قال لو مخوفا وأخذ مالك فأنا ضامن والمسألة بحالها ضمن، فصار الأصل أن المغرور إنما يرجع على الغار لو حصل الغرور في ضمن المعارضة أو ضمن الغار صفة السلامة للمغرور، فصار كقول الطحان لرب البر اجعله في الدلو فجعله فيه فذهب من النقب إلى الماء، وكان الطحان عالما به يضمن إذ غره في ضمن العقد وهو يقتضي السلامة انتهى. وحاصله أن الغار يضمن إذا صرح بالضمان أو كان التغرير في ضمن عقد المعاوضة وإن لم يصرح بالضمان كما في مسألة الطحان، وقد صرح فيها بكون الطحان عالما بالنقب، وما ذاك إلا ليتحقق كونه غارا كما يشير إليه تسميته بذلك لأن من لا علم له بذلك لا يسمى غارا، فلو لم يكن العلم شرطا في الضمان لكان حقه أن يعبر عنه بالآمر لا بالغار، ويؤيد ذلك أيضا أنه في (جامع الفصولين) نقل بعد ذلك عن المحيط أن ما ذكره من الجواب في قوله: فإن أخذ مالك فأنا ضامن، مخالف لما ذكره القدوري: إن ما قال لغيره من غصبك من الناس أو من بايعت من الناس فأنا ضامن لذلك فهو باطل. انتهى. فأجاب عنه في (نور العين) بقوله: يقول الحقير لا مخالفة أصلا، والقياس مع الفارق؛ لأن عدم الضمان في مسألة القدوري من جهة عدم التغرير فيها بخلاف ما نحن فيه فافترقا، والعجب من غفلة مثل صاحب المحيط مع ما له من فضل وذكاء، البحر المحيط انتهى. فقد أفاد أنه لا بد من التغرير، وذلك بكونه عالما بخطر الطريق كما قلناه، ففي مسألتنا إن كان صاحب المركب غر المستأجر بأن كان عالما بالخطر يكون ضامنا وإلا فلا، هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم. لكن ينبغي تقييد المسألة بما إذا كان صاحب المال غير عالم بخطر الطريق؛ لأنه إذا كان عالما لا يكون مغرورا، لما في القاموس غره غرا وغرورا وغرة بالكسر فهو مغرور