كان لصاحبه أن يأخذ الدراهم المقررة بدلا من ماله الهالك، ويتسلمها في دار الإسلام من وكيلهم الذمي أو المستأمن فيها، وعما إذا كان يحل لأحد الشركاء أن يعقد ذلك بغير دار الإسلام، وأن يأخذ بدل ماله الهالك أيضا في غير دار الإسلام، ثم يعود بما أخذه إلى دار الإسلام أو يبعث به إلى شريكه أو وكيله بها أم لا يحل له ذلك أيضا. وقلتم إن ذلك مما عمت به البلوى في الديار التي أنتم بها الآن، وأنكم راجعتم ما لديكم من كتب المذهب، فلم تقفوا على شيء تطمئنون به في حكم ذلك.
وأجاب: أن المقرر شرعا أن ضمان الأموال إما أن يكون بطريق الكفالة أو بطريق التعدي والإتلاف.
أما الضمان بطريق عقد الكفالة فليس متحققا هنا قطعا لأن شرطه أن يكون المكفول به دينا صحيحا لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء أو عينا مضمونة بنفسها بأن يجب على المكفول عنه تسمليمها بعينها للمكفول له، فإن هلكت ضمن له مثلها في المثليات وقيمتها في القيميات، وذلك كالمغصوب والمبيع بيعا فاسدا. ثم أورد أمثلة أخرى ثم قال: وعلى ذلك لا بد من كفيل يجب عليه الضمان، ومن مكفول له يجب تسليمه للمكفول له، وبدون ذلك لا يتحقق عقد الكفالة، ولا شبهة أنها لا تنطبق على العقد المذكور، فإن المال الذي جعله صاحبه تحت ضمان أهل القومبانية لم يخرج عن يده ولا يجب عليه تسليمه لأحد غيره، فلم يكن دينا عليه أداؤه ولا عينا مضمونة عليه بنفسها يجب عليه تسليم عينها قائمة أو مثلها أو قيمتها هالكة، فأهل القومبانية لو ضمنوا يضمنون مالا للمالك وهو لم يزل تحت يده يتصرف فيه كيف يشاء، فلا يكون شرعا من ضمان الكفالة.