للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيع المجهول» واختلف العلماء بعد ذلك، فمنهم من عممه في التصرفات وهو الشافعي، فمنع من الجهالة في الهبة والصدقة والإبراء والخلع والصلح وغير ذلك. ومنهم من فصل وهو مالك بين قاعدة ما يجتنب فيه الغرر والجهالة، وهو باب المماكسات والتصرفات الموجبة لتنمية الأموال، وما يقصد به تحصيلها، وقاعدة ما لا يجتنب فيه الغرر والجهالة وهو ما لا يقصد لذلك، وانقسمت التصرفات عنده ثلاثة أقسام: طرفان وواسطة، فالطرفان أحدهما معاوضة صرفة، فيجتنب فيه ذلك إلا ما دعت الضرورة إليه عادة كما تقدم أن الجهالات ثلاثة أقسام، فكذلك الغرر والمشقة، وثانيهما: ما هو إحسان صرف لا يقصد به تنمية المال، كالصدقة والهبة والإبراء فإن هذه التصرفات لا يقصد بها تنمية المال. بل إن فاتت على من أحسن إليه بها لا ضرر عليه، فإنه لم يبذل شيئا، بخلاف القسم الأول إذا فات بالغرر والجهالات ضاع المال المبذول في مقابلته، فاقتضت حكمة الشرع منع الجهالة فيه، أما الإحسان الصرف فلا ضرر فيه، فاقتضت حكمة الشرع وحثه على الإحسان التوسعة فيه بكل طريق بالمعلوم والمجهول فإن ذلك أيسر لكثرة وقوعه قطعا، وفي المنع من ذلك وسيلة إلى تقليله، فإذا وهب له عبده الآبق جاز أن يجده فيحصل له ما ينتفع به، ولا ضرر عليه إن لم يجده؛ لأنه لم يبذل شيئا وهذا فقه جميل، ثم إن الأحاديث لم يرد فيها ما يعم هذه الأقسام حتى نقول يلزم منه مخالفة منصوص صاحب الشرع، بل إنما وردت في البيع ونحوه، وأما الواسطة بين الطرفين فهو النكاح. . . إلخ (١).

وقال محمد علي حسين مبينا أقسام الجهالة والغرر ما نصه:

وذلك أن الغرر والجهالة كما يؤخذ مما مر ثلاثة أقسام، وقسم


(١) الفروق ١/ ١٥.