للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجاب الأستاذ أبو زهرة عن ذلك فقال:

ولقد قرر المانعون لعقد التأمين غير التعاوني أن فيه غررا، فمحل العقد فيه غير ثابت، وغير محقق الوجود، فيكون كبيع ما تخرجه شبكة الصائد وكبيع ما يكون في بطن الحيوان، ووجه المشابهة أن المبيع في هذه الصور غير معلوم محله، وغير مؤكد الوجود، بل الوجود فيه احتمالي، وكذلك التأمين غير التعاوني محل العقد غير ثابت، فما هو محل العقد؟ أهو المدفوع من المستأمن، أم المدفوع من الشركة المؤمنة، أم هما معا باعتبار أن ذلك العقد من الصرف، ولا يكون مخرجا إلا على ذلك النحو، ولا شك أن ما يدفعه المستأمن غير متعين، فقد يكون قليلا وقد يكون كثيرا، وقد يكون كل ما نص عليه في الاتفاق، وما تدفعه الشركة قد يكون قليلا وقد يكون كثيرا، وفي الكثير لا تدفع شيئا، بل ترد ما أخذت مضافا إليه بعض ما كسبت، فهل يكون كل ذلك خاليا من الغرر؟.

ويقرر الأستاذ أن التفاوت في المبادلات لا يمنع الصحة، ونقول: إنه لا تفاوت هنا فقط، إنما هو الاحتمال وعدم التعيين، والاختلاف في قيم الأبدال في المعاوضات العادية لا احتمال فيها، وحيث كان الاحتمال فهو الغرر والقمار فليس ثمة بدل يتعين قليلا أو كثيرا، ولذلك قرر فقهاء القانون المدني أن عقد التأمين عقد محله احتمالي ولا مانع عندهم من جوازه، ولكن الأستاذ الجليل مصطفى الزرقا يقول: لا غرر مطلقا، بل لا احتمال في محل العقد، فإن كل العقد هو الأمان (١).


(١) أسبوع الفقه الإسلامي ٥٢٠ وما بعدها.