ما نراه فيما قرره الأستاذ مزيلا للشبهة، بل نرى أن مع القمار ربا مؤكدا، في حال ما إذا مات المستأمن قبل المدة؛ لأنه يدفع نقدا قليلا ويأخذ بدله نقدا كثيرا، وهذا بلا ريب ربا أو معاملة لم يحلها أحد من الأئمة. اهـ (١).
وقد علق الأستاذ مصطفى الزرقا على ذلك فقال: كرر الأستاذ أبو زهرة ما يقال من أن التأمين على الحياة ينطوي على عملية قمار، وأوضح ذلك بأن العقود تقوم عادة على المساواة بين ما يؤخذ وما يعطى. أما في التأمين على الحياة فإن التعويض الذي يؤخذ من شركة التأمين حال الوفاة يكون أعظم كثيرا من مجموع الأقساط المدفوعة، فهذا التفاوت في العوضين يجعل التأمين على الحياة من قبيل القمار.
وجوابنا على ذلك أقول: إن المساواة في الأبدال ليست واجبة فقها إلا في حالتين:
الحالة الأولى: ضمان المتلفات، فهذه يجب فيها التعادل المطلق بقدر الإمكان، ففي الأموال المثلية يضمن الشيء بمثله؛ لأن المثل يخلف الأصل صورة ومعنى، وفي القيميات يضمن الشيء بقيمته، وهي سعره الذي يساويه في السوق بين الناس؛ لأن القيمة عند عدم المثل تعتبر خلفا للأصل معنى، وإن لم تخلفه صورة، كما هو معروف في علم أصول الفقه.
الحالة الثانية: عقود المعاوضات في الأموال الربوية إذا قوبلت بجنسها كالقرض والصرف.
وفقهاؤنا يقسمون الأشياء التي يتناولها الضمان إلى نوعين: أشياء مضمونة بذواتها كالمتلفات، وهذه يجب فيها التساوي، فيضمن الشيء منها بمثله أو قيمته، وأشياء مضمونة بغيرها كالمبيع في عقد البيع، فالمبيع مضمون على المشتري بالثمن لا بالقيمة، والثمن هو العوض المتفق عليه