للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ما فيه ظهور أعلام الإسلام وأدلته وبراهينه، كما راهن عليه الصديق فهو من أحق الحق، وهو أولى بالجواز من الرهان على النصال أو سباق الخيل والإبل أدنى من هذا في الدين وأقوى؛ لأن الدين قام بالحجة والبرهان وبالسيف والقصد الأول إقامته بالحجة والسيف منفذ.

قالوا: وإذا كان الشارع قد أباح الرهان في الرمي والمسابقة بالخيل والإبل لما في ذلك من التحريض على تعلم الفروسية وإعداد القوة للجهاد - فجواز ذلك في المسابقة والمبادرة إلى العلم والحجة الذي به تفتح القلوب ويعز الإسلام وتظهر أعلامه أولى وأحرى، وإلى هذا ذهب أصحاب أبي حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية، قال أرباب هذا القول: والقمار المحرم هو أكل المال بالباطل فكيف يلحق به أكله بالحق، قالوا: والصديق لم يقامر قط في جاهلية ولا إسلام، ولا أقر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قمار فضلا عن أن يأذن فيه وهذا تقرير قول الفريقين (١).

وقال ابن العربي في أثناء الكلام على فقه حديث مراهنة أبي بكر للمشركين، قال: إن الله حرم أكل المال بالباطل، ومنه المناحبة على رهن، وقد كان ذلك يجري في صدر الإسلام كما كان يجري سائر الأحكام قبل بيان وجود الحلال والحرام حتى أنزل الله الآيات وفصل ذلك كله تفصيلا، ولم يبق من ذلك شيء يستعمل إلا في سباق الخيل ونحوه تحريضا على الجهاد وتحضيضا به على التأهب للأعداء والاستعداد المبين في بحث الجهاد.

وأما بيان كون التأمين رهانا فإن كلا من التأمين والرهان معلق على خطر، تارة يقع وتارة لا يقع، وقد أجاب الأستاذ مصطفى الزرقا على ذلك


(١) الفروسية ٥/ ٦.