للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كان الرجل يعاقد الرجل فإذا مات ورثه الآخر، فأنزل الله - عز وجل - {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} (١) يقول إلا أن توصوا لأوليائكم الذين عاقدتم.

ومن طريق قتادة كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول: دمي دمك، وترثني وأرثك، فلما جاء الإسلام أمروا أن يؤتوهم نصيبهم من الميراث وهو السدس، ثم نسخ بالميراث، فقال: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (٢) ومن طرق شتى عن جماعة من العلماء كذلك وهذا هو المعتمد.

ويحتمل أن يكون النسخ وقع مرتين؛ الأولى حيث كان المعاقد يرث وحده دون العصبة فنزلت ولكل وهي آية الباب، فصاروا جميعا يرثون، وعلى هذا يتنزل حديث ابن عباس ثم نسخ ذلك آية الأحزاب، وخص الميراث بالعصبة، وبقي للمعاقد النصر والإرفاد ونحوهما، وعلى هذا يتنزل حديث ابن عباس، ثم نسخ ذلك آية الأحزاب وخص الميراث بالعصبة وبقي للمعاقد النصر والإرفاد ونحوها وعلى هذا يتنزل بقية الآثار، وقد تعرض له ابن عباس في حديثه أيضا، لكن لم يذكر الناسخ الثاني ولا بد منه. والله أعلم.

وقال أيضا على قوله: ثم قال {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} (٣) من النصر والرفادة والنصيحة وقد ذهب الميراث ويوصي له: كذا وقع فيه، وسقط منه شيء بينه الطبري في روايته عن أبي كريب عن أبي أسامة بهذا الإسناد، ولفظه: ثم قال {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} (٤) من النصر إلخ، فقوله من النصر يتعلق بآتوهم لا بعقدت ولا بأيمانكم، وهو وجه الكلام. انتهى المقصود (٥).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما " المؤاخاة " فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين المهاجرين والأنصار لما قدم المدينة كما آخى بين سلمان الفارسي


(١) سورة الأحزاب الآية ٦
(٢) سورة الأحزاب الآية ٦
(٣) سورة النساء الآية ٣٣
(٤) سورة النساء الآية ٣٣
(٥) فتح الباري ٨/ ٢٤٧ - ٢٤٩ طبع المطبعة السلفية.