للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبين أبي الدرداء، وبين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، وكانوا يتوارثون بتلك المؤاخاة، حتى أنزل الله تعالى {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (١) فصاروا يتوارثون بالقرابة، وفي ذلك أنزل الله تعالى {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} (٢) وهذا هو المحالفة.

واختلف العلماء هل التوارث بمثل ذلك عند عدا القرابة والولاء محكم أو منسوخ على قولين: أحدهما أن ذلك منسوخ، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد في أشهر الروايتين عنه، ولما ثبت في صحيح مسلم عنه أنه قال: «لا حلف في الإسلام، وما كان من حلف في الجاهلية فلم يزد الإسلام إلا شدة (٣)».

والثاني: أن ذلك محكم وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في الرواية الأخرى (٤). وأما كلام الفقهاء المعاصرين في هذا الدليل: فقال الأستاذ طه السنوسي:

ولاء الموالاة في التشريع الإسلامي هو عبارة عن رابطة قانونية بين شخصين بمقتضاها يتعاقدان على أن يعقل أولهما وهو "مولى الموالاة " عن الآخر، وهو المعقول عنه، إذا جنى أن يدفع الدية في مقابل ميراثه منه إذا توفي غير مخلف وارثا قط.

وقد اختلف في صحة هذا العقد ونفاذه من حيث كونه سببا من أسباب الميراث، ويمكن إجمال وجهات النظر في هذا الصدد في رأيين، قال أولهما بصحته وجوازه واعتباره سببا للإرث، وقال ثانيهما ببطلانه ورفضه سببا له.

الرأي القائل بالرفض والبطلان: قال بهذا الرأي جمهور الفقهاء، ومنهم الشافعي ومالك وأحمد، وأسانيده تتلخص في أربعة:


(١) سورة الأحزاب الآية ٦
(٢) سورة النساء الآية ٣٣
(٣) صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٥٣٠)، سنن أبو داود الفرائض (٢٩٢٥)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٨٣).
(٤) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ١١/ ٩٩ - ١٠٠ ويرجع أيضا إلى ٣٥/ ٩٢ - ٩٨.