للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه يجب أن تعطوا حلفاءكم الذين تعاقدتم وإياهم على النصرة والميراث نصيبهم منه؛ لأن ذلك المقتضي للعقد، ولا يرد على ذلك بوجود نص صريح آخر في المصدر نفسه بمقتضاه يكون ذوو القرابات بعضهم أولى ببعض في الإرث من التوارث بسبب عقد الموالاة؛ لأن هذا النص الأخير ليس نصا على الأولوية في الميراث، ثم إنه لا يتعارض مع النص الأول، وذلك لأن حق الإرث المقرر لمولى الموالاة لا يثبت له إلا عند عدم وجود " أولي الأرحام " فمرتبته في الإرث متأخرة عن مرتبة هؤلاء، بل وعن مرتبة مولى العتاقة وعصبته، وما دام ليس بين النصوص التشريعية من تعارض ما فالواجب إعمال كل فيما يخصه.

وثانيها: أن الحديث القائل بأن «الولاء لمن أعتق (١)» ليس الحصر فيه حقيقيا بل إضافيا، أي أن الولاء لمن أعتق لا لغيره ممن كان أجنبيا، لقصة بريرة، وفيه: «الولاء لمن أعتق (٢)»، ولهذا لا يكون هذا الحديث نافيا استحقاق الإرث بسبب ولاء الموالاة، جاء في حديث تميم الداري - رضي الله عنه - أنه سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله «إن الرجل ليأتيني فيسلم على يدي ويواليني، فقال الرسول: هو أخوك ومولاك، فأنت أحق به محياه ومماته»، والمقصود محياه تحمل عقل الجريمة عنه ومماته في الإرث منه.

وثالثها: أن ولاء الموالاة متصل بالوصية بجميع المال وهي صحيحة ممن لا وارث له؛ لأن من لا وارث له يصرف ماله إلى بيت مال المسلمين، ومن حيث إن " الموصى له " هو أحد هؤلاء المسلمين يشركهم في دين الله، ومن حيث إنه قد ترجح بإيجاب الموصى له، فمن أجل ذلك هو أولى من هذا البيت، وكذلك الأمر بالنسبة لمن عاقده مولى الموالاة عقد الموالاة. [٤٣ / المبسوط].

ورابعها: أنه فيما يتعلق بخلافة الوارث الموروث في ماله، الظاهر أن الإنسان في شأن هذه الخلافة إنما يؤثر قرابته على الأجانب، ومن أجل


(١) صحيح البخاري الصلاة (٤٥٦)، صحيح مسلم العتق (١٥٠٤)، سنن الترمذي البيوع (١٢٥٦)، سنن أبو داود العتق (٣٩٢٩)، موطأ مالك العتق والولاء (١٥١٩).
(٢) صحيح البخاري الصلاة (٤٥٦)، صحيح مسلم العتق (١٥٠٤)، سنن الترمذي البيوع (١٢٥٦)، سنن أبو داود العتق (٣٩٢٩)، موطأ مالك العتق والولاء (١٥١٩).