للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا أو نحو هذا وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأبي سليمان، وقال مالك لا يلزمه شيء من ذلك إلا أن يدخله بموعد في كلفة فيلزمه ويقضي عليه، وقال ابن شبرمة: الوعد كله لازم ويقضي به على الواعد ويجبر.

فأما تقسيم مالك فلا وجه له، ولا برهان يعضده لا من قرآن ولا سنة ولا قول صاحب ولا قياس.

فإن قالوا: قد أضر به إذ كلفه من أجل وعده عملا ونفقة. قلنا: فهبكم أنه كما تقولون من أين وجب على من أضر بآخر وظلمه وغره أن يغرم له مالا؟ ما علمنا هذا في دين الله تعالى إلا حيث جاء به النص فقط، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه.

وأما من ذهب إلى قول ابن شبرمة فإنهم احتجوا بقول الله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (١) والخبر الصحيح من طريق عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر (٢)».

والآخر الثابت من طريق أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «من علامة النفاق ثلاثة وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان (٣)».

فهذان أثران في غاية الصحة، وآثار أخر لا تصح، أحدها من طريق


(١) سورة الصف الآية ٣
(٢) هذا الحديث متفق عليه.
(٣) متفق عليه.