وإن امرأ كانت سمية أمه ... وسمراء مغلوب إذا بلغ الجهد
والنسب الذي خلص لحسان ليطعن منه أبا سفيان دون أن يمس رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ابن سمية وهي أم ولد لعبد المطلب، وسمراء أم أبيه الحارث وهي أيضا أم ولد، ولم يكد يبلغ هذا الشعر أبا سفيان حتى قال: إن هذا الشعر لم يغب عنه ابن أبي قحافة حيث كان أبو بكر أعلم قريش بالأنساب، وعنه تلقى حسان علم النسب فعرف كيف يطعن ويسدد الطعن لمن يهجو دون أن يمس أقرباء المهجو من المهاجرين وهجا حسان ابن الزبعرى بعد أن راح يفخر بأصوله فقال له:
فلا تفخر فقد غلبت قديما ... عليك مشابه من آل حام
وقد رأى حسان أن ابن الزبعرى يغلب على أصوله السواد وهذا يدل على أنه غير عربي لأن العرب ساميون والساميون ليسوا سودا، وإن الشاعر ليعلم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «ليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى (١)» ولكنه الهجاء الذي جعل الشاعر يتلمس مغمزا ليطعن منه ابن الزبعرى فنفى عنه العروبة حيث رأى فيه مشابها من آل حام.
وطعن صفوان بن أمية بأن أمه كانت أمة لمعمر بن حبيب في قوله:
من مبلغ صفوان أن عجوزه ... أمة لجاره معمر بن حبيب
وهجا الوليد بن المغيرة بأنه عبد للإبل الشائلة التي جف لبنها بعد الحمل فقال فيه:
وأنت ابن المغيرة عبد شول ... قد اندب حبل عاتقك الوطاب
والندوب: أثر الجراح، والعاتق: ما بين العنق والمنكب، والوطاب، سقاء اللبن، وبهذا رماه بأنه لم يكن غير عبد تولى رعاية الإبل وأثر هذه الرعاية تلك الندوب التي في عاتقه مما كان يحمل من سقاء اللبن بعد أن يحلب تلك النوق.
وطعن الوليد بأنه ينتمي إلى صعقب الحداد الذي نزل في قريش وادعى الانتماء إليها وهو ليس منها واسمه الحقيقي ديسم بن صعقب وذلك في قوله:
وصعقب والد لأبيك قين ... لئيم حل في شعب الأروم
تسمون المغيرة وهو ظلم ... وينسى ديسم الاسم القديم
وتناول حسان العاص بن المغيرة والحارث بن هشام بن المغيرة.
وهجا أبا جهل في كثير من ديوانه ومما قال فيه:
(١) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤١١).