إليهم أقرب القبائل والأقارب نسبا على ترتيب ميراث العصبات، فإذا لم يكن للقاتل عشيرة من الأقارب والأنساب وأهل التناصر كما لو كان لقيطا مثلا كانت الدية في ماله تقسط على ثلاث سنين، فإن لم يكن له مال كاف فعاقلته بيت المال العام أي خزانة الدولة، فهي التي تتحمل دية القتيل.
وهناك اختلافات يسيرة بين المذاهب في الموضوع " ينظر ابن عابدين جزء / ٥ كتاب المعاقل وغيره من كتب المذاهب ".
إن هذا النظام نظام العواقل خاص بتوزيع الموجب المالي في كارثة القتل الخطأ وتهدف الحكمة فيه إلى غايتين:
الأولى تخفيف أثر المصيبة عن الجاني المخطئ.
والثانية صيانة دماء ضحايا الخطأ من أن تذهب هدرا؛ لأن الجاني المخطئ قد يكون فقيرا لا يستطيع التأدية فتضيع الدية.
قال ابن عابدين رحمه الله في أول كتاب المعاقل من حاشيته " رد المحتار " نقلا عن المعراج ما نصه: إن العاقلة يتحملون باعتبار تقصيرهم وتركهم حفظه ومراقبته؛ لأنه إنما قصر لقوته بأنصاره، فكانوا هم المقصرين، وقد كانوا قبل الشرع الإسلامي يتحملون عنه تكرما واصطناعا بالمعروف، فالشرع قرر ذلك - أي أوجبه وجعله إلزاميا - وتوجد هذه العادة بين الناس فإن لحقه خسران من سرقة أو حرق يجمعون له مالا لهذا المعنى. انتهى كلام ابن عابدين.
أقول: إن هذا الكلام صريح في أن نظام العواقل في الإسلام أصله عادة حسنة تعاونية كانت قائمة قبل الإسلام في توزيع المصيبة المالية الناشئة من القتل أو من الحرق أو السرقة ونحوها؛ بغية تخفيف ضررها عن كاهل من لحقته جبرا لمصابه، وإحياء لحقوق الضحايا في الجنايات، وقد أقر الشرع الفكرة