(ب) لا يجوز قياس عقد التأمين على عقود أو نظم معروفة في الفقه الإسلامي، فهو لا يشبه عقد المضاربة في شيء، ولا هو كفالة، ولا هو وديعة بأجر، ولا عقد موالاة، ولا يدخل في ضمان خطر الطريق، ولا في الوعد الملزم، ولا في نظام العواقل إلى آخر ما جاء في التشبيهات.
(ج) وإنما التأمين عقد جديد له مقومات وخصائصه، وهو ليس بين العقود أو النظم التي عرفها الفقه الإسلامي. ويأخذ عليه المحرمون له أنه مقامرة، وفيه غرر، وينطوي على الربا.
(د) أما إن فيه مقامرة، فقد بينا أن عقد التأمين بعيد كل البعد عنها. فهو من الناحية الفنية الاقتصادية ليس بمقامرة، لا بالنسبة إلى المؤمن فهو يأخذ الأقساط من المؤمنين له، ثم يعيد توزيعها عليهم ولا يعرض نفسه لاحتمال الخسارة أو المكسب بأكثر مما يعرض نفسه أي شخص آخر في تجارة مشروعة، ولا بالنسبة إلى المؤمن له إذ هو لا يقامر معتمدا على الحظ والمصادفة، بل على العكس من ذلك تماما يقصد أن يتوقى شر الحظ والمصادفة، ويتعاون مع غيره من المؤمن له على توزيع أضرار ما يبيته الحظ والمصادفة لهما جميعا، ولا يجوز أن نسمي التعاون مقامرة.
(هـ) وأما الغرر، فقد بينا في كتابنا "مصادر الحق في الفقه الإسلامي " أن هناك تطورا ملحوظا في الفقه الإسلامي، في هذه المسألة، وأن أكثر المذاهب تطورا فيها هو مذهب مالك.
فقد بين ابن رشد في عبارة جليلة الأصل عند مالك في ذلك فقال:(والأصل عنده أن من الغرر يجوز لموضع الضرورة) " مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء ٣ ص (٣٢ - ٣٣).