عقد التأمين وهو الجانب الذي يجب الوقوف عنده؛ لأنه هو الذي يؤصل التأمين ويحدد طبيعته تنظيما دقيقا بين عدد كبير من الناس معرضين جميعا لخطر واحد، حتى إذا تحقق الخطر بالنسبة إلى بعضهم تعاون الجميع على مواجهته بتضحية قليلة يبذلها كل منهم يتلافون بها أضرارا جسيمة تحقيق بمن نزل الخطر به منهم لولا هذا التعاون.
وشركة التأمين ليست في الواقع من الأمر إلا الوسيط الذي ينظم هذا التعاون على أسس فنية صحيحة، وهي أسس معقدة في أشد الحاجة إلى جهود شركات ضخمة، وسنعرض لها فيما يلي: فالتأمين إذن هو تعاون محمود، تعاون على البر والتقوى: يبر به المتعاونون بعضهم بعضا ويتقون به جميعا شر المخاطر التي تهددهم. فكيف يجوز القول بأنه غير مشروع؟
وقد كثرت الفتاوى الشرعية في التأمين، بعضها يحله وبعضها يحرمه، ومن الفتاوى البارزة في تحليله فتوى الأستاذ الإمام محمد عبده في شأن التأمين على الحياة - ثم ذكر فتوى الشيخ محمد عبده وأشار إلى أقوال الأستاذ الزرقا ومناقشة أبي زهرة له وقول برهام محمد عطا الله وأحمد السنوسي وعيسوي أحمد عيسوي، ثم ذكر رأي المانعين أمثال الشيخ ابن عابدين والشيخ محمد بخيت والشيخ أحمد قراعة والشيخ ابن زهرة والأستاذ أحمد إبراهيم، ثم قال بعد ذلك:
وفيما قدمناه من هذه الآراء المختلفة نقف عند المسائل الآتية:
(أ) لا تصح التفرقة بين التأمين الاجتماعي والتأمين الفردي، فكلاهما يقوم على أساس واحد ولا يختلفان إلا في أن الدولة في التأمين الاجتماعي هي التي تقوم بدور المؤمن. فمن قال بجواز التأمين الاجتماعي وجب أن يقول بجواز التأمين الفردي.