للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى ما لا يريبك (١)». ويقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " دعوا الربا والريبة " (٢).

ومن القائلين بجواز التأمين مطلقا الأستاذ عبد الرزاق السنهوري، إلا أنه لا يرى الاستدلال على جوازه بما استدل به غيره من قياسه على بعض العقود المعروفة، وإنما يراه عقدا مستحدثا قائما بذاته، ونظرا لذلك أوردنا رأيه بدليله بعد كلام المانعين وكلام المجيزين، وفيما يلي ما برر به رأيه.

الوقوف عند أحد جانبي عقد التأمين وهو جانب العلاقة ما بين المؤمن والمؤمن له بالذات، دون مجاوزة ذلك إلى الجانب الآخر، وهو جانب العلاقة ما بين المؤمن ولمجموع المؤمن لهم حيث لا يكون المؤمن إلا وسيطا بينهم ينظم تعاونهم جميعا على مواجهة الخسارة التي تحيق بالقليل منهم، هو الذي دفع بكثير ممن تصدوا للإفتاء في مشروعية التأمين في الفقه الإسلامي إلى القول بعدم مشروعيته. وتكون فتواهم في هذه الحالة صحيحة؛ لأنه إذا نظر إلى عقد التأمين من جهة العلاقة ما بين المؤمن والمؤمن له بالذات، ومن جهة هذه العلاقة وحدها، لم يعد عقد التأمين أن يكون عقد مقامرة أو رهان كما قدمنا، ويكون غير مشروع، لا فحسب في الفقه الإسلامي، بل أيضا في القانون المصري وفي جميع القوانين التي تحرم المقامرة والرهان.

ولكن الجانب الآخر من


(١) خرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم عن الحسن بن علي. وأحمد أيضا عن أنس مرفوعا وموقوفا. والطبراني عن ابن عمر. صححه الترمذي وأبو الجوزاء السعدي. وهو قطعة من حديث طويل ذكر فيه قنوت الوتر.
(٢) أسبوع الفقه الإسلامي / ٥٢٤ وأثر عمر ذكره الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم ص ٩٤.