للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التابعين في أغلب ما فضل فيه لمن استقرأ ذلك في أجوبته، ولهذا كان أحمد موافقا له في الأغلب. فإنهما يحرمان الربا ويشددان فيه حق التشديد؛ لما تقدم من شدة تحريمه وعظم مفسدته، ويمنعان الاحتيال له بكل طريق، حتى يمنعا الذريعة المفضية إليه، وإن لم تكن حيلة، وإن كان مالك يبلغ في سد الذرائع ما لا يختلف قول أحمد فيه أو لا يقوله، لكنه يوافقه بلا خلاف عنه على منع الحيل كلها.

وجماع الحيل نوعان: إما أن يضموا إلى أحد العوضين ما ليس بمقصود، أو يضموا إلى العقد عقدا ليس بمقصود.

فالأول مسألة " مد عجوة " وضابطها: أن يبيع ربويا بجنسه، ومعها أو مع أحدهما ما ليس من جنسه، مثل أن يكون غرضهما بيع فضة بفضة متفاضلا ونحو ذلك فيضم إلى الفضة القليلة عوضا آخر، حتى يبيع ألف دينار في منديل بألفي دينار.

فمتى كان المقصود بيع الربوي بجنسه متفاضلا حرمت مسألة " مد عجوة " بلا خلاف عند مالك وأحمد وغيرهما، وإنما يسوغ مثل هذا من جوز الحيل من الكوفيين، وإن كان قدماء الكوفيين يحرمون هذا. وأما إن كان كلاهما مقصودا كمد عجوة ودرهم بمد عجوة ودرهم، أو مدين أو درهمين ففيه روايتان عن أحمد، والمنع: قول مالك والشافعي، والجواز: قول أبي حنيفة، وهي مسألة اجتهاد.

وأما إن كان المقصود من أحد الطرفين غير الجنس الربوي، كبيع شاة ذات صوف ولبن بصوف أو لبن: فأشهر الروايتين عن أحمد الجواز.

والنوع الثاني من الحيل: أن يضما إلى العقد المحرم عقدا غير