جـ- واستدلوا بأن الربا أصيل في عقود التأمين، لا تنفك عنه إلا بالقضاء على عقوده نفسها والتخلص منها إلى بديل يرتفق به دونها، وإلى جانب ما فيها من ربا أصيل معاملات ربوية أخرى طارئة، وبيان ذلك:
الأول: إن المستأمن يدفع ما عليه من العوض المالي الربوي كله أو أقساطا، حسب مقتضى العقد ليأخذ المقابل من المؤمن بعد زمن أو يتحمله عنه إذا وقع الخطر، وهذا هو ربا النسأ المحرم بالنص والإجماع، ولا يمكن الانفكاك منه إلا بالتخلص من عقود التأمين نفسها؛ لأنه أساسها الذي لا يكون عقد التأمين إلا به.
الثاني: فيه ربا الفضل صريحا أو حكما للشك في التماثل بين ربويين، وربا الفضل محرم بالنص والإجماع، ومن روى عنه من الصحابة جوازه، فقد رجع عنه بعد مناظرة الصحابة وإطلاعه على نص التحريم.
الثالث: إن شركات التأمين تستغل رصيدها في معاوضات ربوية، وإن المستأمن يعود إليه مبلغ التأمين مع فائدة ربوية بعد انتهاء مدة التأمين دون حصول الخطر المؤمن منه.
ونوقش بأن موضوع البحث نفس عقود التأمين التي أبرمت بين الشركة والمستأمن لا ما تقوم به شركات التأمين في استثمار رصيدها استثمارا ربويا، فالدليل في غير محل النزاع، وأما ما يأخذه المستأمن من الفائدة الربوية في بعض صور التأمين فليس من أركان التأمين ولا لازما له، بل من الشروط التي يمكن التخلص منها باشتراط عدم الفائدة أو بترك اشتراطها على الأقل.
وأجيب: بأنه إن أمكن التخلص من الوجه الثالث من وجوه الاستدلال فلا يمكن التخلص من الاستدلال بالوجه الأول والثاني إلا بترك التأمين التجاري نفسه.