للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

د - واستدلوا بأن التأمين من قبيل الرهان المحرم؛ لأن كلا منهما فيه جهالة، وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، ومن هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم راهن على فرس يقال له سبحة فسبق الناس فهش لذلك وأعجبه (١). وأقر الصديق رضي الله عنه على ما كان بينه وبين مشركي العرب من المراهنة بشأن حرب كانت بين الروم والفرس (٢). ولهذا حصر النبي صلى الله عليه وسلم رخصة الرهان في ثلاثة بقوله: «لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل (٣)». فما كان في معنى الثلاثة مما فيه نصرة الإسلام بالسلاح أو العلم والبرهان جاز، وليس التأمين من ذلك.

ونوقش ذلك بما تقدم من مناقشة الاستدلال على منع التأمين بأنه قمار، وأجيب عنه أيضا بما تقدم من الجواب عن هذه المناقشات هناك، فلا نطيل بالإعادة خشية كثرة التكرار.

هـ- واستدلوا بعموم النهي عن أكل الأموال بالباطل في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٤) قالوا: إن عقود التأمين تتضمن الغرر والقمار والربا وأخذ مال الغير في المعاوضات التجارية بلا مقابل، فكان من أكل أموال الناس بالباطل، فدخل في عموم النهي في الآية.

ونوقش بأنه لا يدخل في عموم النهي حتى يقوم دليل تفصيلي على منعه؛ لأن أكل الأموال بالباطل كلمة مجملة. وأجيب بما تقدم تفصيلا من


(١) خرجه أحمد في مسنده عن أنس رضي الله عنه.
(٢) خرجه الترمذي في جامعه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣) خرجه أحمد وأهل السنن عن أبي هريرة.
(٤) سورة النساء الآية ٢٩