للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرك بالله وفتح المنافذ والطرق الموصلة إليه، فبنيت المساجد على القبور، واتجه إليها الكثير بأنواع العبادة كالطواف بها والذبح لها والتوجه إليها بالرغبة والرهبة والدعاء والاستغاثة وأنواع من الشرك الأكبر الذي يسمونه توسلا وطلبا لشفاعتهم كما قال إخوانهم من قبل: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ} (١). {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا} (٢).

قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله:

ومن جمع بين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبور وما أمر به ونهى عنه وما كان عليه أصحابه وبين ما عليه أكثر الناس اليوم رأى أحدهما مضادا للآخر مناقضا له بحيث لا يجتمعان أبدا.

فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة إلى القبور، وهؤلاء يصلون عندها وإليها، ونهى عن اتخاذها مساجد، وهؤلاء يبنون عليها المساجد ويسمونها مشاهد مضاهاة لبيوت الله.

ونهى عن إيقاد السرج عليها، وهؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها. ونهى عن أن تتخذ عيدا، وهؤلاء يتخذونها أعيادا ومناسك ويجتمعون لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر،. . .

وأمر بتسويتها كما روى مسلم في صحيحه «عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته (٣)»، وهؤلاء يبالغون في مخالفة الحديث ويرفعونها عن الأرض كالبيت


(١) سورة الزمر الآية ٣
(٢) سورة يونس الآية ١٨
(٣) صحيح مسلم الجنائز (٩٦٩)، سنن الترمذي الجنائز (١٠٤٩)، سنن النسائي الجنائز (٢٠٣١)، سنن أبو داود الجنائز (٣٢١٨)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٨٧).