للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعقدون عليها القباب، ونهى عن تجصيص القبر والبناء عليه، كما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تجصيص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه (١)»، «ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكتابة عليها (٢)»، كما روى أبو داود عن جابر أيضا «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر أو يكتب عليه أو يزاد عليه (٣)» وهؤلاء يزيدون عليه الآجر والجص والأحجار.

قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون الآجر على قبورهم، والمقصود أن هؤلاء المعظمين للقبور المتخذيها أعيادا الموقدين عليها السرج، الذين يبنون عليها المساجد والقباب منافون لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم محادون لما جاء به، وأعظم ذلك اتخاذها مساجد وإيقاد السرج عليها، وهو من الكبائر. . . انتهى كلام ابن القيم رحمه الله. . . . وهو يصف ما حدث في وقته وقد زاد الأمر على ما وصفه بأضعاف وغلوا في الموتى فعبدوهم من دون الله وكذلك ارتكبوا ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم من الغلو في مدحه وإطرائه مضاهاة للنصارى في مدح عيسى ابن مريم حتى رفعوه فوق منزلته حتى وقعوا في الشرك الأكبر، وأظهر لهم الشيطان هذا الغلو في قالب تعظيمه ومحبته وأن عدم الغلو فيه تنقيص له وحط من قدره.

وكذلك غلوا في الصالحين كما غلا فيهم قوم نوح من قبل حتى اعتقدوا فيهم شيئا من خصائص الإلهية من جلب النفع ودفع الضر مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فهتفوا بأسمائهم عند الشدائد والكربات، واستغاثوا بهم في كشف الملمات وطافوا بقبورهم كما يطاف بالكعبة وذبحوا القرابين عند قبورهم وصرفوا لهم النذور. قال الإمام العلامة ابن القيم: وقد أدخل الشيطان الشرك على قوم نوح من باب الغلو في الصالحين، وقد وقع في هذه الأمة مثل ما وقع لقوم نوح لما أظهر


(١) صحيح مسلم الجنائز (٩٧٠)، سنن الترمذي الجنائز (١٠٥٢)، سنن النسائي الجنائز (٢٠٢٧)، سنن أبو داود الجنائز (٣٢٢٥)، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٥٦٣)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٣٩).
(٢) صحيح مسلم الجنائز (٩٧٠)، سنن الترمذي الجنائز (١٠٥٢)، سنن النسائي الجنائز (٢٠٢٨)، سنن أبو داود الجنائز (٣٢٢٥)، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٥٦٣)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٣٩).
(٣) صحيح مسلم الجنائز (٩٧٠)، سنن الترمذي الجنائز (١٠٥٢)، سنن النسائي الجنائز (٢٠٢٨)، سنن أبو داود الجنائز (٣٢٢٥)، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٥٦٣)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٣٩).