للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: إن هذا الحديث ناسخ لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (١).

والصحيح أن الحديث لم ينسخ الآية، بل الذي نسخها آيات المواريث، لكن لما احتمل أن آيات المواريث جاءت لتعطي للوالدين ومن يرث من الأقربين حظا آخر فيكون لكل منهم حق أثبتته آيات المواريث ووصية واجبة أيضا أثبتتها آية سورة البقرة، واحتمل أن آيات المواريث ناسخة لآية سورة البقرة التي توجب الوصية، جاء الحديث ليبين أن الاحتمال الثاني هو المراد وأن الوالدين والأقربين من الورثة لا حظ لهم إلا ما قررته آيات المواريث، ولولا الحديث - كما ترى - لاحتمل إمكانية الجمع للوارث بين الميراث والوصية الواجبة، فكان الحديث مبينا لا ناسخا.

الحديث الثاني: قوله عليه الصلاة والسلام: «خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا، الثيب بالثيب جلد مائة والرجم، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام (٢)».

قال الحنفية ومن وافقهم إن هذا الحديث نسخ قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} (٣).


(١) سورة البقرة الآية ١٨٠
(٢) رواه مسلم في كتاب الحدود، باب حد الزنى ٣/ ١٣١٦.
(٣) سورة النساء الآية ١٥