للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (١) ويفهم الأمن من مفهوم الإسلام؛ لأن الإسلام هو الاستسلام لله بالخضوع له وامتثال أوامره واجتناب منهياته، وقد نهى الله عن التعدي على الناس في أعراضهم وأموالهم وأبدانهم. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (٢)». ومن دخل في الإسلام دخل في نطاق الأمن لقوله صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم دمه وماله وحسابه على الله (٣)». وقال عليه الصلاة والسلام: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه (٤)».

فإذا تحقق الإسلام والإيمان توفرت أسباب الأمن، لكن قد يكون هناك شذوذ لم يتمكن الإسلام والإيمان من قلوبهم فتحصل منهم نزوات تخل بالأمن، وهنا وضع الله سبحانه زواجر وروادع لهؤلاء تكف عدوانهم وتصون الأمن من عبثهم، فشرع سبحانه الحدود الكفيلة لردعهم وتحذير غيرهم من أن يفعلوا مثل فعلهم، فشرع حد المرتد لحفظ الدين، وشرع القصاص لحفظ الدين، وشرع القصاص لحفظ النفوس، وشرع حد الزنا وحد القذف لحفظ العرض والنسب، وشرع حد المسكر لحفظ العقل، وشرع حد السرقة لحفظ الأموال، وشرع حد قطاع الطريق لحفظ السبل وتأمين المواصلات، وشرع قتال البغاة لحفظ السلطة الإسلامية ومنعا لتفريق الكلمة واختلاف الأئمة.

١ - فالمرتد يقتل لحفظ الدين والعقيدة من عبث العابثين؛ لأن المرتد ترك الحق بعد معرفته واعتدى على العقيدة التي هي أقوى أسباب الأمن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه (٥)» وقال عليه الصلاة


(١) سورة الحديد الآية ٢٥
(٢) صحيح البخاري الإيمان (١٠)، صحيح مسلم الإيمان (٤٠)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٤٩٩٦)، سنن أبو داود الجهاد (٢٤٨١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٦٠)، سنن الدارمي الرقاق (٢٧١٦).
(٣) صحيح مسلم الإيمان (٢٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٩٤).
(٤) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٥٦٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٧٧).
(٥) صحيح البخاري الجهاد والسير (٣٠١٧)، سنن الترمذي الحدود (١٤٥٨)، سنن النسائي تحريم الدم (٤٠٦٠)، سنن أبو داود الحدود (٤٣٥١)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٣٥)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٨٢).