للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ذلك من المفاسد، وحرم الله ورسوله الخروج على إمام المسلمين وتفريق الكلمة وأمر بردع من فعل ذلك حتى يكف ويلتزم بالطاعة، فإن كان من يحاول شق عصا الطاعة وتفريق الجماعة شخصا واحدا وجب قتله لقوله صلى الله عليه وسلم: «من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر (١)» رواه مسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه (٢)» رواه مسلم، وإن كان من يحاول ذلك جماعة لهم شوكة ومنعة تهدد المسلمين وتريد تفريق كلمتهم فهم بغاة ظلمة ويجب أولا: مناصحتهم وإزالة الشبهة التي يتعلقون بها، فإن لم ينكفوا عن بغيهم وجب قتالهم إلى أن يرجعوا للطاعة ولزوم الجماعة؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (٣).

وبهذا يتبين وجوب احترام السلطة الإسلامية ووجوب مناصرتها ومناصحتها لما يترتب على وجودها من المصالح وانتفاء المفاسد واستتباب الأمن، وما يترتب على انعدام السلطة من المفاسد العظيمة التي من أعظمها انعدام الأمن.

وأخيرا: نتبين من هذا العرض الموجز ما حققه الإسلام من أمن المجتمع حين عجزت كل نظم البشر وأسلحتهم الفتاكة وأجهزتهم الدقيقة أن تحقق أقل القليل من هذا الأمن الذي حققه الإسلام، وصدق الله العظيم حيث يقول: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (٤) ثم إن هذا الأمن الذي حققه الإسلام لا يعتمد


(١) صحيح مسلم الإمارة (١٨٤٤)، سنن النسائي البيعة (٤١٩١)، سنن أبو داود الفتن والملاحم (٤٢٤٨)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٥٦)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٩١).
(٢) صحيح مسلم الإمارة (١٨٥٢)، سنن النسائي تحريم الدم (٤٠٢٠)، سنن أبو داود السنة (٤٧٦٢)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٤١).
(٣) سورة الحجرات الآية ٩
(٤) سورة المائدة الآية ٥٠