للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والواقع أنه منذ القرن الخامس الهجري أصبحت بلاد نجد مقسمة إلى إمارات صغيرة ضعيفة متفرقة متنازعة، ومن يطلع على تاريخ نجد في تلك الفترة - على اختصاره - تواجهه حقيقة مرعبة وهي أن القوم كانوا في عراك مستمر ومرابطة دائمة وثأر لا ينقطع، يتربص بعضهم ببعض الدوائر ويتحين أهل كل قرية الفرصة للإيقاع بأهل القرية الأخرى، (١)، لقد كانت هذه الإمارات والقرى لا تعرف السكينة والأمن والحرية إلا قليلا، ففي الحرب يقتل أبناؤها، ويدمر بناؤها، ويحرق نخيلها، ويتلف زرعها وفي فترات السلم يحبس الناس في بلدانهم فلا يستطيعون الابتعاد عنها إلا بمغامرة، فكانت إمارات نجد في تلك الفترة تجسيدا لقصة ملوك الطوائف في الأندلس (٢) بل لقد وصل الحال بإحدى هذه الإمارات أن قسمت أرباعا بين أربعة رؤساء. كل رئيس ترأس في ربعها (٣).

أما الحالة الدينية في بلاد نجد: فلم تكن أسعد حظا من باقي أقطار العالم الإسلام، فقد جرفها تيار الانحراف عن الدين الإسلامي الصحيح من شرك وبدع وخرافات كالدعاء والنذر والذبح، وصرف أنواع العبادات الأخرى لغير الله، لكنها لم تصل في انحرافها أن تناسى أهلها شعائر الإسلام من صلاة وزكاة وصيام وحج، كما يزعم بلجريف - وخاصة أهل الحاضرة وعندما قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوته في بلاد نجد كان الخلاف بين الشيخ وبين مخالفيه على أساس التوحيد أما


(١) عبد العزيز الخويطر: مقدمة تاريخ أحمد بن منقور ص٢٢.
(٢) منير العجلاني: تاريخ البلاد السعودية ج١ ص٣٦.
(٣) انظر عثمان بن بشر: عنوان المجد في تاريخ نجد ج٢ ص٢٢٨، ٢٢٩ وأحمد بن منقور: تاريخ ابن منقور ص٦٣.