وبعد: فقد رأينا مدى انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية في أصقاع مختلفة من العالم الإسلامي. وقد أثبتت الدعوة نجاحها في أكثر البلدان التي دخلتها من ناحية تصحيح عقيدة المسلمين من شوائب الشرك والبدع والخرافات والتي كادت أن تشوه الإسلام وتفسد جماله وتذهب بروعته. ولا يستطيع منصف ينظر في حال المجتمع الإسلامي خلال القرنين الماضيين ويغفل دور هذه الدعوة المباركة في نشر الوعي الإسلامي بين المسلمين ثم دورها في إيقاظ شعلة الحركات التحريرية ضد الاستعمار الأوروبي، ثم أيضا أثرها الكبير على اليقظة الفكرية والنشاط العلمي بين المسلمين الذي برزت آثاره عن طريق ما يقع بين أنصار الدعوة وخصومها من محاجات ومناقشات علمية نافعة حتى التقى المجتمع الإسلامي أخيرا مع هذه الدعوة عن طريق العلم الذي لا تقف أمامه الأباطيل والأكاذيب والمفتريات من ناحية، وعن طريق التعمق والبحث بأمور الدين ودراستها دراسة عميقة من ناحية أخرى.
وإذا كانت الدعوة نجحت من ناحية تصحيحها عقيدة أتباعها فإن دورها في هذه الناحية لا يزال في طريقه إلى التمام، فلا زال في العالم الإسلامي مجتمعات تعيش في ظلام القرون الماضية وبحاجة إلى توجيهها نحو الدعوة السلفية وتعاليمها المباركة. وهو واجب علماء المسلمين اليوم.