للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن تتكلف له أو تتهيبه أو توليه العناية، وأنت تحسب للنظرة الأولى أنه لا يستحق منك الالتفات إليه ولا التفكير فيه، ولا البحث عن السر الذي يكمن في ثناياه وحواشيه، ويغيب عن ذهنك أن الصغير الضئيل ربما استوفز فخلف وراءه الأثر الكبير، وقديما قال الشاعر:

لا تحقرن صغيرا في مخامصة ... إن البعوضة تدمي مهجة الأسد

ويحفزنا الحديث عن (لو) إلى الكلام عنها من الناحية اللغوية النحوية، ومن الناحية الشرعية أيضا لأن الرباط بين علوم اللغة العربية وعلوم الشريعة رباط وثيق لا تنفصم عراه، ولا يتطرق إليه الوهن، فاللغة العربية هي لغة القرآن، قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (١) {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} (٢) {عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} (٣) {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (٤)

* * *

فلسان العرب هو اللسان الذي نزل به الكتاب، وهو اللسان الذي وردت به الأحاديث الشريفة النبوية وليس هناك من سبيل لفهم نصوص الكتاب والسنة إذا جهل المرء قواعد اللغة العربية.

يروى عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: جودوا القرآن وزينوه بأحسن الأصوات، وأعربوه فإنه عربي والله يحب أن يعرب به. وعن مكحول قال: بلغني أن من قرأ بإعراب كان له من الأجر ضعفان ممن قرأ بغير إعراب. وروى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي». ولو أنك أمعنت النظر في كتب التفاسير لرأيت للشروح اللغوية وللإشارات البلاغية نصيبا وافرا منها ومن كان محروما من معرفة اللغة العربية وأساليبها ودقائقها، أو كان قليل البضاعة من علومها كان من


(١) سورة الشعراء الآية ١٩٢
(٢) سورة الشعراء الآية ١٩٣
(٣) سورة الشعراء الآية ١٩٤
(٤) سورة الشعراء الآية ١٩٥