الحضارية. لكن عناصر إبداع الحضارة ليست هي هذه (الماديات) التي تنشأ تلقائيا وتزدهر في الطور الثاني للحضارة، حيث تتجاوز الحضارة مرحلة الميلاد والتكون، وتزيح كل أخطار الميلاد، وتقف على أقدامها فتية قوية، وتبدأ في إفراز بعض قوتها من خلال عدد من المجالات الاقتصادية والمادية:
وعند توافر عنصر الانطلاق لأمة من الأمم في طريق التحضر، حتى ولو كانت الأمة ذات سابقة حضارية فإن عليها أن تهتم بتوفير العناصر الثلاثة الأساسية - محافظة على الترتيب والنسب- حتى تضع قطارها أولا فوق القضبان الصحيحة.
قال الله تعالى في الآية الكريمة:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(١) ففي الآية يوجد (الإنسان) الذي (يعمل صالحا) وهو مؤمن (بالعقيدة والفكرة). فمثل هذا الإنسان العامل (كل عمل صالح مادي أو عقلي أو روحي) عن إيمان ومنهج وفكر، وهو الإنسان الذي يستطيع أن يصل إلى الحياة الطينية اللائقة بالإنسان، ولقد تحدث الله في كتابه المنزل عبر مئات الآيات، كما تحدثت السنة الشريفة عن تفصيلات العناصر الثلاثة وكيفية الوصول إلى الوضع الصحيح لكل منها.