يكاد القابضون على الأمر يحسون بما يعانيه أهل الحق القابضون على الجمر، وتنقطع الجسور بين أولي العلم وأولي الأمر، فلا يبقى إلا الصراع الخافت والظاهر، وتتعرض السفينة الاجتماعية كلها للضلال والضياع.
إن التمزق الفكري الداخلي للأفراد أو للأمم هو أول داء تصاب به، وعن طريق هذا الخلل الفكري تدخل صنوف الخلل السلوكية نتيجة حتمية لخلل الفكر؛ لأن سلامة الفكر هي الضامن لسلامة السلوك، وهي السور الذي يحجز ويمنع، أو كما يقول أحد الفلاسفة:(إذا لم يكن الله موجودا فكل شيء مباح).
ولن تستطيع الحواجز القانونية أو عوامل التخويف الأخرى أن تقف طويلا أمام عواصف الغرائز، بل إن هذه القوانين البشرية سوف تضعف وتضعف لدرجة أنها - في مرحلة من المراحل - لن يكون لها عمل إلا أن تبرر الفساد وتقننه بل وتجعله حقا من حقوق الفرد وتعبيرا من تعبيراته عن حريته (الحيوانية)!!.