للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى ابن ماجه أيضا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة (١)» إنه التخبط الفكري والجدل العقيم وإعجاب كل ذي رأي برأيه، وكأن التفرق هو الأصل، والتوحد هو الشاذ؛ لغياب القاعدة الفكرية الواحدة.

روى ابن ماجه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا (٢)».

وروى ابن ماجه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «سيأتي على الناس سنوات خداعات. يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة (٣)».

وهكذا يقف أئمة الضلال ومحترفو الجدل قادة لمرحلة الضياع الفكري، ويؤازرهم المنافقون المتشدقون الذين يستخدمون علمهم في تبرير الأوضاع والتماس الأعذار للسقوط والساقطين، وفي تحريم الحلال وإباحة الحرام، وخلط الحقائق حتى لا تكاد جمهرة الأمة تعرف المعروف من المنكر ويتصدر هؤلاء الساحات المختلفة، وميادين العمل المتقدمة، فيحجبون الحق، ويظهرون الباطل، وتزوى النماذج الصالحة، وتتألق النماذج الهابطة جاها وسلطانا ومالا وتغدق عليها الأموال والألقاب والمناصب، فلا يكاد ينفذ أصحاب الحق إلى الحق ولا


(١) السنن ج٢ - كتاب الفتن - باب بدء افتراق الأمم ص١٣٢٢.
(٢) ابن ماجه - السنن ج١ باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ص٣
(٣) سنن ابن ماجه - كتاب الفتن - باب شدة الزمان ط٢ / ص١٣٣٩ وما أكثر التافهين الذين ينطقون في عصور التخلف والسقوط.