للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحق قبل اللحظة الفاصلة.

إن الله تعالى يجيبنا بوضوح على (السبب الأساسي) لظهور الفساد في الأرض يقول تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (١).

فبسبب ما كسبه الناس من جنوح عن العدل وميل إلى الظلم انتشرت موجبات الفساد والانحراف عقوبة لهم، تمهيدا للساعة المرتقبة ويقول تعالى في آية أخرى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (٢).

ويقول تعالى في آية ثالثة: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (٣).

والسؤال الوارد هنا: لماذا يريد الله إهلاك القرية؟ والإجابة أن أهلها - بالضرورة - قد أصبحوا أهلا لإرادته تلك بما استوجبوه من ضلال في فكرهم، وتبرير لترفهم وشعور منهم بأنهم إنما أوتوا ما أوتوا على علم عندهم، (كما هي فلسفة قارون) وليس بفضل الله وعونه، أو كما توضح آية قرآنية آخرى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} (٤) فهذه هي عادة المترفين في التاريخ، إنها مواجهة الهداة (بالكفر)، وعند ذلك يستدرجهم الله إلى المرحلة الثانية وهو (الفسق) الذي ولغوا فيه معتمدين على الأموال والأولاد التي يملكونها: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} (٥)!!


(١) سورة الروم الآية ٤١
(٢) سورة الأنفال الآية ٥٣
(٣) سورة الإسراء الآية ١٦
(٤) سورة سبأ الآية ٣٤
(٥) سورة سبأ الآية ٣٥