للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك دون استفادة من دروس التاريخ الماضية، فضلالهم الفكري يعميهم عن رؤية كبريات الحقائق الكونية والتاريخية::

{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} (١).

وفي آية أخرى يكرر القرآن المعنى نفسه مقدرا معطيات جديدة: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (٢).

وهذه الآية تعالج بإيجاز المعالم الكبرى لمرحلة (الفسوق) وما يعتورها من فتن وأخلاق، ثم تنتهي إلى المصير الحتمي الذي يئول إليه أمر هذه المرحلة، وهو الإحباط الكامل، والخسران الدائم.

ويقدم لنا (القصص القرآني) - الذي لم يفقهه المسلمون الفقه الحضاري الكامل - عددا من التجارب البشرية التي دخلت مسيرتها إلى مرحلة (الذنوب) فكانت عاقبتها وخيمة.

فقوم نوح: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا} (٣) وحتى ابنه أصابه الغرق لأنه: {عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} (٤).


(١) سورة الأنعام الآية ٦
(٢) سورة التوبة الآية ٦٩
(٣) سورة نوح الآية ٢٥
(٤) سورة هود الآية ٤٦