للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعاد قوم هود أصابهم الريح العقيم حتى صاروا موتى كأنهم أعجاز نخل خاوية لأنهم: {جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} (١).

وثمود قوم صالح أرسل الله عليهم الصيحة بسبب عصيانهم أمر نبيهم وعقرهم الناقة خلافا لأمره: {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} (٢)، {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} (٣).

وجريمة قوم لوط التي عرفوا بها، معروفة، وهي من الخبائث المنكرة التي لا تليق بالجنس البشري، بل إن الحيوانات تعف - بفطرتها - عنها، وقد أثبت الطب الحديث الآثار المدمرة لهذه الجريمة وعلى رآس آثارها الصحية مرض (الإيدز) أي فقدان المناعة الجسدية، أما أمراضها الحضارية - اجتماعيا وأخلاقيا - فهي لا تقل خطورة عن (الإيدز) إذ هي تفقد الحضارة مناعتها - أيضا - في تحمل أعباء صناعة الحضارة، وفي خلق (الرجولة) و (الجد) اللازمين للبناء، يقول القرآن عن قوم لوط: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} (٤) {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} (٥) {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} (٦).

وأما مدين قوم نبي الله شعيب فقد ابتلوا بذنب آخر، لقد كان دأبهم بخس الناس أشياءهم ونقص المكيال والميزان، وهو ظلم مبين، وقد حاول شعيب إصلاحهم لكنهم رفضوا فحقت عليهم عقوبة الله:


(١) سورة هود الآية ٥٩
(٢) سورة هود الآية ٦٥
(٣) سورة هود الآية ٦٧
(٤) سورة هود الآية ٧٨
(٥) سورة هود الآية ٨٢
(٦) سورة هود الآية ٨٣