وعد ذلك من مناقبهم وفضائلهم، وهل إهداء القرب المجمع عليها والمتنازع فيها إلى الميت إلا إيثار بثوابها، وهو عين الإيثار بالقرب، فأي فرق بين أن يؤثره ليحرز ثوابها وبين أن يعمل ثم يؤثره بثوابها؟ وبالله التوفيق. اهـ.
مما تقدم يتبين ما يأتي:
أولا: أن قصة الصحابة الثلاثة - رضي الله عنهم - الذين آثر بعضهم بعضا بالماء القليل حتى ماتوا ولم يشربوا، لم تثبت فيما نعلم حتى تكون نوعا من الإيثار المعتبر شرعا، وأصلا يقاس عليه غيره. فإن بعض العلماء ذكرها بلا إسناد كالقرطبي في تفسيره ولا حجة في نقل لا إسناد له.
وبعضهم رواها بإسناد غير متصل مع ما في بعض رواته من الطعن الذي لا يقبل معه نقله. وبيان ذلك: إن الزبير بن بكار رواها، عن عمه مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن جده، عن عبد الله بن مصعب بن ثابت قال: استشهد يوم اليرموك الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو، وأتوا بماء وهم صرعى فتدافعوه. . . إلى آخر القصة. وعبد الله بن مصعب بن ثابت ضعيف ومع ذلك لم يشهد واقعة اليرموك؛ فإنه ولد عام ١١١هـ، بل لم يدركها والده مصعب؛ لأنه ولد عام ٨٤ هـ وواقعة اليرموك كانت عام ١٥ من الهجرة على الصحيح.
وروى القصة أيضا محمد بن سعد، عن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبي يونس القشيري، وهو حاتم بن أبي صغيرة عن حبيب بن أبي ثابت، وذكرها أيضا ابن قتيبة، عن عبد الله بن