فتوح الشام كان عمرو بن العاص رضي الله عنه يقود المجاهدين، وبينما كانت المعركة حامية استشهد أخوه هشام بن العاص رضي الله عنه وسقط في مكان ضيق يمر به الجيش فسده، وتهيب المسلمون أن يدوسوه بخيلهم ورجلهم، وأعجلتهم مطاردة العدو عن نقله، فأمرهم قائدهم عمرو، وهو ولي أخيه وأمير الجيش، أن يدوسوا جثته ويستمروا في قتالهم، ففعلوا رضوان الله عليهم. وبعد الانتصار وانتهاء المعركة، جمع أشلاء أخيه ودفنه. . . فهذا عمل عمرو وأقره عليه الصحابة، ونستفيد منه أن المصلحة الراجحة تستدعي الإذن فيما لا يجوز في الرخاء والوسع.
(٣) إذا لم يكن إذن من الميت في حال حياته، ولم يأذن بذلك وليه بل أباه ورفضه، فالظاهر المنع، إلا إذا ظهر لولي المسلمين أن المصلحة العامة تستوجب الإذن في تشريح جثث الموتى، والانتفاع بمثل هذه الأجزاء منها.
حالة هذا الإذن العام مما ينبغي أن يبحثه العلماء ويولوه اهتماما.
(٤) في حالة نقل الدم أو العضو من الحي لا بد من التأكد أن ذلك برضى تام من المنقول منه، وأن ذلك النقل لا يلحق به ضررا، أو يتسبب في هلاك، فإن خيف الضرر أو الهلاك فلا يجوز النقل ولو رضي لأنه انتحار.
أما في حالة نقل عضو من ميت فلا يجوز إلا إذا تحقق الأطباء والمختصون من الوفاة وتيقنوا أن الهالك لم يبق أثر للحياة في جسمه، وإن وقع مجرد شك في بقاء شيء من الحياة فيه، فلا يجوز الإقدام على تشريح جثته؛ إذ ما دامت الحياة فيه فليس لأحد أن يبادر بإنهائها باجتهاد