(١) أن يتبرع المنقول منه بعضوه في حال حياته، بحيث يوصي أن يؤخذ منه بعد وفاته، ويأذن في تشريح جثته ليزرع عضوه في جسم شخص معين أو لفائدة المجموع. في هذه الحال لا مانع من إمضاء تبرعه وتنفيذ وصيته، ولا يعتبر تشريح جثته مثلة به حصلت بعد عجزه عن الدفاع عن نفسه؛ لأنه كان يعلم ذلك ورضيه، وآثر أخاه المسلم بقلب قد استغنى عنه بموته، ليستمر أخوه في استعماله مدة، ويستريح به من قلب منهوك يعرضه للخطر والآلام في كل حين، ومثله من تبرع بعينه السليمة - التي استغنى عنها بموته - لفائدة أخيه الذي أصابه العمى، وفقد النور ليسترجع بها نعمة الإبصار، وقد يسهر بها في خدمة العلم والتلاوة وعبادة الله.
(٢) أن يتبرع بعضو الميت وليه الشرعي، ويأذن في تشريح جثته وأخذه منه، مع أن الميت لم يأذن في تشريح جثته وأخذ عضو منه ولم يعرف موقفه في ذلك.
والظاهر أن للولي أن يفعل ذلك في حال المصلحة الراجحة بإنقاذ مسلم من هلاك يتهدده في قلبه، أو بإرجاع بصر لمن يستعمله في طاعة الله، والقيام بالعمل المثمر المفيد، ولا شك أن إرجاع البصر لعالم يتمكن به من مواصلة نشر علمه، أو لطبيب يتمكن من إنقاذ آلاف من الناس من أوجاعهم وآلامهم أفضل من ترك عين ميت لم يعد يستطيع استعمالها، تفنى بفناء جسمه.
ويمكن في هذا الموضوع أن نستأنس بعمل فعله أحد الصحابة الكرام، وأقره عليه من كان معه منهم، رضوان الله عليهم أجمعين. ففي