وقد أمر الله بذلك، ومدح الذين يؤثرون على أنفسهم، وقد نزلت آية الإيثار في الأنصار الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبل المهاجرين:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}(١).
وقد جاء في أسباب النزول أن بعضهم آثروا إخوانهم على أنفسهم بطعام ورد عليهم، وكانوا في شدة الحاجة إليه، فتحملوا ألم الجوع وضرره في أنفسهم وعيالهم، فاستحقوا هذا المدح الرباني والنص القرآني.
فإذا كان من أحيا أخاه بلقمة من طعام أو جرعة من شراب يستحق مثل هذا الثناء، فكيف بمن يؤثر أخاه بجزء من دمه، أو ببعض أعضائه لإنقاذه من هلاك وشفائه من داء وإنهاء محنته وآلامه، وتمكينه من استعادة صحته، فالظاهر أن النقل من حي صحيح سالم برضا منه وتبرع بعيد عن كل إلزام وإكراه، ليس فيه على صحته وحياته خطر محقق أو مظنون، مما لا ينبغي أن يتوقف فيه ويشك في جوازه، بل هو من عمل البر المرغب فيه، ومن الفروض الكفائية على جماعة المسلمين.
ثالثا: في حالة زرع القلب أو عملية ترقيع العين، تستعمل أعضاء إنسان قد مات، ولا يمكن في حالة القلب بالخصوص استعمال قلب إنسان حي، ولو رضي بذلك؛ لأن انتزاع القلب يوجب وفاته ولا يجوز قتل إنسان لحفظ حياة آخر؛ لأن في ذلك جريمة لا تقرها الشرائع.