الناس جميعا؛ لأن الباعث على إنقاذ الواحدة - وهو الرحمة والشفقة، ومعرفة قيمة الحياة الإنسانية، واحترامها، والوقوف عند حدود الشريعة في حقوقها - تندغم فيه جميع حقوق الناس عليه، فهو دليل على أنه إذا استطاع أن ينقذهم كلهم من هلكة يراهم مشرفين على الوقوع فيها لا يني في ذلك ولا يدخر وسعا، ومن كان كذلك لا يقصر في حق من حقوق البشر عليه. . .).
ثم قال:" الآية تعلمنا ما يجب من وحدة البشر، وحرص كل واحد منهم على حياة الجميع، والقيام بحق الفرد من حيث إنه عضو من النوع ". (اهـ.).
ومن هذين النقلين نرى أن علماء التفسير، من لدن مجاهد إلى محمد رشيد رضا، يرون أن الآية تدل على عموم الإحياء، مما يشمل إنقاذها من تهلكة أشرفت عليها، ويدخل في أسباب الهلاك بلا شك إشرافها بالمرض الميؤوس من شفائه إلا بواسطة نقل دم أو زرع عضو مما يحفظ الحياة، أو يعيد النظر إلى من فقد نوره وعدم الإبصار.
ومن المعلوم من قواعد الدين أن إنقاذ المشرف على الهلاك، أو الوقوع في مضرة شديدة من فروض الكفاية على كل من استطاعه، فإن قام به بعضهم سقط عن الباقين وأثيب على فعله من قام به، وإن تركه الجميع أثموا جميعا.
ثانيا: حيث إن هذا الإنقاذ يتم بتبرع الإنسان بجزء من دمه أو جزء من جسمه، يتطوع بذلك عن اختيار واحتساب، دون أن يخاف ضررا أو هلاكا - كما هو الحال في نقل الدم، أو زرع الكلية - فإنه يعتبر من باب الإحسان وعمل البر، والإيثار على النفس،