للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

[مقدمة]

الحمد لله رب العالمين الذي تكفل بالحفظ لهذا الدين فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (١) وجعل من عباده أعلاما يجددون هذا الدين كلما علاه الغبار فينفون ما علق به. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي القرشي المكي المدني القائل: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها (٢)» والذي خص عالم قريش بزيادة العلم والفهم والمعرفة فقال: «عالم قريش يملأ طباق الأرض علما (٣)» وقال: «الأئمة من قريش (٤)» صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وذريته ومن تولاه واتبع سنته إلى يوم الدين.

كما أن الله تعالى تكفل أن يبعث لعباده المؤمنين الصالحين من يدافع عنهم ولو من غير طلب منهم فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} (٥).

وإذا كان الأئمة الأعلام الهداة المهديون الفقهاء المجتهدون فيما بينهم أخوة متحابين هدفهم إقامة شرع الله والنصح لهذه الأمة. فإنه مما لا شك فيه أنه لم يخل واحد منهم من حاسد أو طاعن. وإذا كان هؤلاء الأئمة الأعلام لم يلتفتوا إلى الطاعنين الحاسدين بعين السخط والازدراء - بل قابلوهم بالدعاء والإقبال - فإن من جاء بعدهم جند نفسه للذب عنهم.

ومن هؤلاء الأئمة الأعلام: الإمام المطلبي القرشي أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي سارت بفضائله الركبان. ومع هذا فقد حاول بعض الحاسدين أن يتكلموا فيه بالذي ليس له حقيقة، إنما أخذهم الحسد لا غير.

وإذا كان الإمام البيهقي - رحمه الله تعالى - جند نفسه لجمع مرويات الشافعي وأقواله وألف الكتب في ذلك حتى قيل: " ما من شافعي إلا وللشافعي له عليه منة إلا البيهقي فله المنة على الشافعي. . . " (٦) فإن الإمام الحافظ الخطيب البغدادي - رحمه الله تعالى - فعل مثل هذا ولكن بالكثرة الكاثرة التي فعلها البيهقي من قبل. فقد ألف - رحمه الله تعالى - رسالة يرد فيها على بعض المتعصبين من الحنفية فيما قالوه حسدا عن الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -.


(١) سورة الحجر الآية ٩
(٢) سيأتي تخريج الحديثين.
(٣) سيأتي تخريج الحديثين.
(٤) أخرجه أحمد والنسائي والحاكم والطيالسي والبيهقي وأصله في الصحيح.
(٥) سورة الحج الآية ٣٨
(٦) انظر التذكرة: ١١٣٧.