للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد اختلف الفقهاء رحمهم الله في تقدير الحق المغتصب المماطل في أدائه بسعر يوم سداده، قال في منتهى الإرادات، ولا يضمن نقص سعر. اهـ (١) كما اختلفوا في تعيين العقوبة التي يستحقها فذهب جمهورهم إلى عدم الزيادة على الحق بشيء مطلقا، كما مر النقل من المنتهى وأن العقوبة المقصودة في الحديث «لي الواجد يحل عقوبته (٢)»، ما يوقعها ولي الأمر أو نائبه على المماطل بأداء الحق من عقوبة تعزيرية بحبس أو جلد أو بهما معا. وذهب بعضهم إلى أن العقوبة هي تكليف المماطل بضمان ما خسره صاحب الحق في سبيل المطالبة بتحصيل حقه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن مطل صاحب الحق حتى أحوجه إلى الشكاية فما غرمه بسبب ذلك فهو على الظالم المبطل إذا كان غرمه على الوجه المعتاد (٣).

وذهب بعض المحققين من أهل العلم إلى القول بضمان نقص السعر قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: قال الأصحاب: وما نقص بسعر لم يضمن. أقول: وفي هذا نظر فإن الصحيح أنه يضمن نقص السعر وكيف يغصب شيئا يساوي ألفا وكان مالكه يستطيع بيعه بالألف ثم نقص السعر نقصا فاحشا فصار يساوي خمسمائة أنه لا يضمن النقص فيرده كما هو؟ اهـ (٤).

وهذا القول هو ما يقتضيه العدل الذي أمر الله به وهو في نفس الأمر عقوبة للظالم أقرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «لي الواجد يحل عقوبته (٥)» ولا شك أن المماطل في حكم الغاصب بمماطلته أداء الحق الواجب عليه إلا


(١) شرح منتهى الإرادات ج ـ ٢ ص ٤٠٨.
(٢) سنن النسائي البيوع (٤٦٨٩)، سنن أبو داود الأقضية (٣٦٢٨)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٢٧)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٨٨).
(٣) انظر الاختيارات ص ١٣٦.
(٤) الفتاوى السعدية ص ٤٢٩
(٥) سنن النسائي البيوع (٤٦٨٩)، سنن أبو داود الأقضية (٣٦٢٨)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٢٧)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٨٨).