للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتضخم الاقتصادي يأتي على هذه القاعدة حيث إن التضخم سبب في تكدس الثروات بأيدي ش من الناس وتبقى الكثرة الكاثرة فهم يعانون قلة ذات اليد. وربط الالتزامات الآجلة بمؤشرات الأسعار يحقق العدل ويقضي على التضخم.

والإجابة على هذا التسليم بأن الإسلام دين العدل والإنصاف وأنه ضد التضخم وتجمع الثروات في أيدي قلة من الناس، قال تعالى في تبرير الإنفاق على المحتاجين دون الأغنياء: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} (١) وهو يهدف من تشريعاته الصائبة إلى إشاعة المال بطرق مشروعة ومختلفة وتفتيت الثروات وإعادة توزيعها على أكبر عدد ممكن. فهو يحض على الإنفاق في سبيل الله، وسبل الله غير محصورة في جهة معينة فكل طريق من طرق الخير يعتبر سبيلا لله ويوجب في الأموال حقوقا معينة كالزكوات وحقوقا غير معينة كالنفقات الواجبة، وفي الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إن في المال حقا سوى الزكاة (٢)».

والإسلام حينما يحارب التضخم الاقتصادي فهو يحاربه بتحريمه جملة من المعاملات التجارية كبيوع الغرر والغبن والجهالة والاسترسال وبيع ما لا يملك أو لم يقبض وبيوع الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة وينهى عن تلقي الركبان وعن الإحتكار، كما أنه ينهى عن التسعير ما لم توجد له أسباب ضوابطه عن الظلم وينهى عن التصرف في سكة المسلمين بما يعود عليهم بالضرر فقد نهى - صلى الله عليه وسلم - أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس. ومما يعود على المجتمعات والدول بالتضخم المتاجرة بالأثمان - العملات النقدية - فقد اتجه كثير من علماء الإسلام ومحققيهم إلى


(١) سورة الحشر الآية ٧
(٢) سنن الترمذي الزكاة (٦٦٠)، سنن ابن ماجه الزكاة (١٧٨٩)، سنن الدارمي الزكاة (١٦٣٧).