التحذير من ذلك فقد قال الإمام الغزالي في كتابه " الإحياء " ما نصه:
من نعم الله خلق الدراهم والدنانير وبهما قوام الدنيا وهما حجران لا منفعة في أعيانهما - إلى أن قال - فإذن خلقهما الله تعالى لتتداولهما الأيدي ويكونا صالحين بين الأموال بالعدل، ولحكمة أخرى وهي التوصل بهما إلى سائر الأشياء - إلى أن قال - فهذه هي الحكمة الثانية وفيهما أيضا حكم يطول ذكرها فكل من عمل فيهما عملا لا يليق بالحكم بل يخالف الغرض المقصود للحكم فقد كفر بنعمة الله تعالى فيهما، فإن من كنزهما فقد ظلمهما وأبطل الحكمة فيهما، وكان كمن حبس حاكم المسلمين في سجن يمتنع عليه الحكم لسببه وكل من عامل معاملة الربا على الدراهم والدنانير فقد كفر بالنعمة وظلم لأنهما خلقا لغيرهما لا لأنفسهما إذ لا غرض في عينهما فإذا اتجر في عينهما فقد اتخذهما مقصودا على خلاف وضع الحكمة إذ طلب النقد لغير ما وضع له ظلم. اهـ (١).
ويقول ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين ما نصه:
فإن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات، والثمن هو المعيار الذي به يعرف تقديم الأموال فيجب أن يكون محدودا مضبوطا لا يرتفع ولا ينخفض إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع لم يكن لنا ثمن لنعتبر به المبيعات بل الجميع سلع - ثم ذكر أسباب فساد المعاملات ومنها اتخاذ الأثمان سلعا فقال: كما رأيت من فساد معاملاتهم والضرر اللاحق بهم حين اتخذت سلعة تعد للربح فعم الضرر وحصل الظلم - إلى أن قال - فالأثمان لا تقصد لأعيانها بل يقصد التوصل بها إلى السلع فإذا صارت
(١) انظر الورق النقدي تأليف عبد الله بن منيع ص ١٠٥ ـ ١٠٧.